الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد عبادي، أكد على ضرورة تطوير الخطاب بين الديانات “من خلال تعزيز التواصل بين مختلف الأنساق الاعتقادية والتشريعية، من أجل خلق رافعات للتعاون لتحقيق الأهداف المرجوة”.
وأبرز السيد عبادي، في كلمة بمناسبة افتتاح أشغال يوم دراسي حول موضوع “تطوير الخطاب بين الديانات وتجديده لتعارف أمتن والوعي بالاختلاف عن الآخر والاتحاد حول كلمة (نحن جميعا) باعتبارها رسالة موجهة للإنسانية جمعاء”، أهمية التركيز على الجانب الوظيفي كما دعا إلى ذلك أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس في عدد من المناسبات، عوض الاقتصار على الإعلان عن نوايا المحبة والتقارب بين الأديان.
وشدد على أن تطوير الخطاب الديني “أمر فصل”، على اعتبار أن أزيد من 4 ملايير من سكان العالم هم من المسلمين والمسيحيين، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن التعارف يمكن من مد الجسور وتحديد الغايات والأهداف التي ينبغي أن توضع لها برامج لكي يتم بلوغها، وذلك في ظل الوعي بالاختلاف مع الآخر، من أجل البدء في إنجاز العيش والبناء المشترك.
من جهة أخرى، تطرق الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء إلى مسألة “التيه الناجم عن عدم القدرة على مجاراة التدفقات المعلومياتية والديناميات التداولية التي أطلق عنانها الذكاء الاصطناعي ومواقع التواصل الاجتماعي”، مشددا على ضرورة تفعيل الرساميل القيمية والتصورية الناجمة عن المعطيات التي تكتنزها الأديان لحل هذه الإشكالات الراهنة.
ومن هذه “القضايا الحارقة” التي تحتاج إلى إبداعات الأديان المختلفة، نبه السيد عبادي إلى تفاقم التسابق نحو التسلح في شتى أرجاء العالم، مسجلا أنه يتم إنفاق أزيد من 17 تريليون دولار كل سنة “لأننا نخاف من بعضنا البعض ولا نثق في بعضنا البعض بسبب أننا لا نعرف بعضنا البعض، ولم نستطع أن نبلور أحلاما مشتركة متقاسمة بين بعضنا البعض”.
وفي علاقة بمسألة الهدر في مجالات شتى، أشار المتحدث ذاته إلى أن أزيد من 80 مليون أطروحة تنجز في السنة الواحدة، “أي أن 80 مليون سنة تفكير تهدر”، متسائلا “ماذا لو تم تحديد هذه القضايا التي ينبغي أن توجه إليها مياه البحث العلمي بطريقة متناسقة تستفيد من الذكاء الاصطناعي لحل هذه الإشكالات الحارقة”.
وأكد أنه “لا يمكن لأي إشكال أن يصمد أمام 80 مليون سنة من البحث كل سنة، لكننا نهدر ذلك سنويا”، لافتا إلى أن فداحة الإشكال الذي نعيشه سببها غياب الحوار لتطوير الخطاب بين المنظومات الدينية “التي تملك قولا فصلا انطلاقا من غناها التصوري والقيمي والتشريعي والتأطيري”.
يشار إلى أن هذا اليوم الدراسي الذي تنظمه أكاديمية المملكة، بالتعاون مع دائرة الحوار بين الأديان بالفاتيكان والرابطة المحمدية للعلماء، يأتي تنزيلا للتوجيهات الملكية السامية الحاثة على نشر ثقافة التعايش والسلام وتعزيز جسور الحوار بين الحضارات والثقافات والديانات، وترسيخ قيم احترام الآخر المختلف عقديا ولغويا وفكريا لنبذ آفات التطرف والعنف.
ويتضمن برنامج هذا اللقاء، على الخصوص، تنظيم جلستين، الأولى حول موضوع “معرفة أنفسنا والاعتراف بأنفسنا كأخوة: هبة الالتقاء وتحدي الاختلافات”، والثانية حول “الخطاب بين الديانات: الطبيعة، الغاية والتجديد”.