بقلم : ذ. عبد الرحمان دهباني
على مستوى مضمون النداء
من الأكيد أن مضمون نداءات النقابات المركزية بمناسبة فاتح ماي ما هو إلا تفصيل للشعار. وبالتالي وبناء على ما سبق، يمكن القول إن أربع نقابات مركزية ستختار تصعيد اللهجة تجاه الحكومة وستحملها مسؤولية وضع الطبقة العمالية المزري، إنْ على مستوى الحقوق المهضومة أو على مستوى الحريات النقابية التي تشهد تراجعا خطيرا في ظل حكومة ابن كيران. أكثر من ذلك اعتبرت نقابة حميد شباط أن عمل الحكومة يتسم بالارتجالية والشعبوية والديماغوجية إلى غيرها من الأوصاف، ولم تشكر هذه النقابة ولو إنجازا واحدا للحكومة التي يمثل حزب الاستقلال الكتلة الثانية فيها بعد العدالة والتنمية.
ويبقى نداء الفيدرالية -القريبة من الاتحاد الاشتراكي- متميزا بدعوته إلى الوحدة النقابية كضرورة وسبيل أوحد للتصدي ومواجهة أعداء الطبقة العمالية، مع حصر هذه الوحدة في صفوف “الديمقراطيين والتقدميين”، مغازلا الكونفدرالية بالإشادة بنضالاتهما المشتركة خلال هذه السنة، بعد سنوات المواجهة. هذا الأمر الذي سكتت عنه نقابة الأموي ونحت منحى رفع السقف بالحديث عن فساد هيكلي لكن دون الحديث عن الجذور الحقيقة لهذا الفساد والاكتفاء بتحميل المسؤولية للحكومة، كما دعت إلى حوار وطني لإصلاح شامل في الميادين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وغيرها، إلى جانب المطالب العادية للشغيلة التي تكررت في جميع النداءات.
أما نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب فتحول نداؤها إلى شبه دعاية للحكومة بعرض منجزاتها واستعداد النقابة للدفاع وحماية هذه الإنجازات مقابل دعوتها الحكومة “حبيا” إلى مواصلة الاستجابة لما تبقى من مطالب العمال مذكرة بجنوحها إلى خيار الحوار وتقديمه على خيار النضال لتحقيق هذه المطالب. وتجنَّبَ النداءُ تحميل الحكومة أية مسؤولية في تردي أوضاع الشغيلة، إلا مسؤولية “تحميل المسؤولية” لبعض المقاولات التي تضيق على الحريات النقابية في القطاع الخاص، أما قرار الاقتطاع من أجور بعض موظفي القطاع العام بسبب أيام الاضراب دون اللجوء إلى المساطر القانونية فتحاشت النقابة ذكره بله التنديد به، مع العلم أن بعض فروع النقابة خاضت أيام “المعارضة” إضرابات كثيرة بسبب نفس القرار (نموذج جهة سوس ماسة درعة سنة 2010م).