بقلم : الصحافي فؤاد السعدي/المغرب
قضية “اسكوبار الصحراء” جعلت بعض مسؤولي العاصمة الأقتصادية يتحسسون رؤوسهم وينتضرون “مولا نوبة” في لائحة الأسماء التي ستحل ضيفة على النيابة العامة بعد الناصري والبعيوي وشركائهما. فهل هو موسم اجتثات الفساد واسقاط المفسدين؟ هل سيقتصر الأمر على المسؤولين في قطاع السياسة والرياضة أم سيشمل قطاع المال والأعمال غيره؟
فبعد فضيحة الاختلاسات التي هزت وكالة القرض الفلاحي، بزنيت التابعة ترابيا لمقاطعة سيدي معروف بالدار البيضاء، لازال الرأي العام الوطني يتساءل عن الأسباب الكامنة وراء صمت الإدارة المركزية للقرض الفلاحي وحرصها على عدم ايفاد لجنة تفتيش مركزية من أجل للوقوق على عمليات افتحاص دقيقة لجميع الملفات ومبالغ القروض الممنوحة لتمويل المشاريع الفلاحية، خصوصا تلك المتعلقة بالشركة التي إلتحق بها المدير الجهوي للقرض الفلاحي المكلف بالمقاولات مباشرة بعد استقالته من منصبه بعدما أغدق عليها من أموال القروض بسخاء.
لأن القيام بمثل هذه الإجراءات من شأنه أن يكشف ثقوبا مالية كبيرة في سجلات وحسابات مؤسسة القرض الفلاحي المكلفة المقاولات بجهة الدار البيضاء الكبرى في فترة مديرها السابق. كما أن مراجعة بعض السجلات والقروض المخصصة لتمويل المشاريع قد يكشف أيضا سخاء المدير مع شركات بعينها تتواجد مقراتها الرئيسية بطنجة، وهي الشركات نفسها التي إلتحق بها (المدير) بعد استقالته بأيام معدودات. وهو ما يجعنا نطرح السؤال اليوم حول السند القانوني الذي اعتماد عليه الرجل لمنح قروض لتمويل مشاريع فلاحية لمجموعة شركات تتواجد مقارتها خارج النفوذ الترابي للدار البيضاء الكبرى؟ فهل لأن جهة طنجة تطوان الحسيمة لا تتوفر على وكالة بنكية تابعة للقرض الفلاحي تُعنى بشؤون المقاولات، أم أن الأمر فيه “إن”؟
الحديث عن القروض لتمويل المشاريع وما صاحبها من اختلالات وتجاوزات يجرنا كذلك للتطرق إلى عملية السحب على المكشوف “Dépassement” وهي معاملة بنكية تتعلق بتغطية حساب الزبون في حالة عدم توفره على سيولة كافٍ لتغطية معاملاته التجارية. وهو بمثابه إجراء استثنائي يخصص لبعض الزبائن فقط دون غيرهم مقابل رسوم إضافية، وبدون ضمانات. هذه المعاملة البنكية اعتبرها المدير الجهوي السابق امتيازا يخص به بعض زبائنه دون غيرهم ليفوق عددهم 20 مستفيدا دون الإدراك بأن هذا الفعل يدخل في خانة تبديد أموال عمومية. وهنا نطرح السؤال، ألا يستدعي هذا الإجراء من الادارة المركزية القيام بافتحاص دقيق للوقوف على المعايير التي اعتمادها الرجل في منح هذا الامتيار لكل هذا العدد من الزبائن؟
قضية السحب على المكشوف وانعكاسها على التوازن المالي لمؤسسة القرض الفلاحي، لا ثقل أهمية عن موضوع الشركات التي استفادت من القروض المتعلقة بتمويل المشاريع الفلاحية خاصة تلك التي تواجه صعوبة في عملية التنفيذ وطبيعة المساطر المتبعة في هذا الخصوص، وهنا لابد من الأشارة الى قضية (م.ل) الذي لازال ملفه معلقا بين أدراج إدارة القرض الفلاحي منذ سنة 2021 الى يومنا هذا رغم تسويته لوضعيته المالية أمام لجنة النزاعات. ألا تعد هذه الممارسة نموذجا صارخا للعبث والاستهتار بمصالح الزبائن في تلك الفترة، وسببا كافي للادارة المركزية لفتح تحقيق في هذه الواقعة الفريدة.
رغم كل هذا، من غير المستبعد تكون القيادة الجديدة لمؤسسة القرض الفلاحي منكبة بشكل جدي وحازم على اعداد تقارير حول افتحاص مالية المؤسسة لتحديد جميع الاختلالات التي تتخبط فيها قبل الشروع في مرحلة جديدة، حيث من المرتقب أن تطيح هذه الإجراءات التي يقوم بها المسؤول الجديد برؤوس وشخصيات بارزة في قضايا تتعلق بالمال العام، لا سيما في ظل التحقيق الجاري المتعلق بقضية اختلاس وكالة زنيت بسيدي معروف والمسؤولين المحتملين تورطهم في هذه الفضيحة.
وللحديث بقية